ربما لم يعد خافيا على كثير من العقلاء تكاتف الكثير من أجهزة المخابرات في العالم وبالتعاون مع اساطيل كتائب الاعلام لإدارة ما يعرف بصناعة الخوف …. ولكن لماذا الخوف تحديدا ؟
البرمجة اللغوية العصبية تقدم بعض التوضيحات والاجابات الكافية للإجابة على هذا التساؤل المهم ، فنحن عالم البشر نمتلك قدرة هائلة على انتاج ما يعرف بقوة الخيال ولكن يبقى أن توجيهها منوط بما يعمل العقل الواعى بالتركيز عليه اثناء إنتاج قوة الخيال .
وهنا تتدخل البرمجة اللغوية العصبية – يفترض بالتدخل أن يكون إيجابي – ومن خلال اللغة يتم التحكم بواسطة الايحاء في توجيه العقل الواعي الى التركيز على ايجابيات معينة تؤدى الى انتاج حالة نفسية ومن خلال هذه الحالة النفسية يتم بناء موقف معين للإنسان الخاضع لهذه العملية المتواليه .
ومثال على طريقة العمل هذه : يمكننا مثلا مع الشخص العصبى المزاج أن نوحي اليه تخيل نفسه وهو في حالة الهدوء وتخيل الفوائد التي يمكن أن تعود عليه من كونه هادئ في مواقف عديدة وبكلمات بسيطة نوجهه الي التركيز المستمر علي حالة الهدوء وبناءا عليه يتولد لديه شعور بأهمية الهدوء وشعوره كذلك بالاحتياج لهذا النوع من الهدوء ورويدا ومع التكرار المستمر يبدأ في تبنى موقف ارادى في التحلى بصفات وسمات الشخص الهادي ومحاربة الحالة القديمة وهى العصبية في نفسه ، وغالبا ما يقوم المعالج النفسي بإدارة الحالة (الشخص المُعالَج) .
ولكن للأسف كما يمكن اتباع هذه الآلية بطريقة إيجابية مع الافراد يمكن كذلك استخدامها بطريقة سلبية وهو غالبا ما تقوم به وسائل الاعلام الموجهة حيث تعمل وسائل الاعلام على ما يسمى بصناعة الرأي العام للمجتمع المستهدف ويتم ذلك بوسيلتين هما :
1- صناعة الاحداث . 2- توجيه الرأى العام (ادارة تركيز العقل الواعى) في اتجاه بعينه .
وبالنسبة لصناعة الاحداث فإن هذا يعتبر من مهام الاجهزة الامنية والمخابراتية حول العالم في المقام الاول ثم تأتى بعدها كتائب الاعلام مباشرة لتوجيه الرأي العام نحو رأي بعينه لتوليد موقف عام للمجتمع .
ويأتى الخوف على رأس اولويات هذه الكتائب المجتمعة – لان العقل يفقد ما يقرب من 80% من قدرته على التركيز تحت الخوف وربما أكثر من ذلك أيضا ويمكن التحكم بصاحبه الى اقصى درجة .
وصناعة الخوف تمثلت حديثا في صناعة الارهاب والخوف من الارهاب ، وظهرت جلية وواضحة بشدة فى الانقلاب الاخير بمصر حيث بدأت الاجهزة الامنية بصناعة احداث ملفقة ووهمية وبعده مباشرة يتولى الاعلام توجيه الرأى العام نحو موقف محدد سلفا وهو تقبل ما لا يمكن تقبله من قتل وتنكيل للخصوم السياسيين بل والمشاركة في ذلك وليس فقط التأييد .
ومن أكثر دول العالم التى تحترف هذا المنهج وتتبناه في ادارة شئونها الداخلية هى اسرائيل – حيث معلوما ان اسرائيل هى مجتمع يملك كل مقومات التفكك وعدم الترابط ، فهى مجتمع كبير من المهاجرين من كل مكان ولا بينهم ترابط ثقافى أو اجتماعى ، وبديهى أن يتعرض مجتمع كهذا الى الصراع الداخلى الشديد ، ولكن ومع ذلك اسرائيل ربما هي أكثر المجتمعات تماسكا من الداخل بسبب الخوف من العرب المحيطين بهم من كل جانب وهو ما تغذيه اسرائيل باستمرار من خلال صناعة الحروب المستمر مع جيرانها العرب حتى يبقى مجتمعها قابعا تحت الخوف فيمكن ادارته بمنتهى السهولة .
وربما – بل من المؤكد – ان الإنقلابيين فى مصر قرروا ممارسة نفس منهجية اسرائيل فى ادارة المجتمع المصرى لإفقاده كل مكتسبات ثورة 25 يناير والتى كان على رأسها كسر حاجز الخوف والشعور بالحرية .
ولذلك جاء الانقلاب دمويا وبشكل مخيف لإجبار المجتمع على الشعور بالخوف وتحت الخوف يمكنه التنازل عن كل شيء مقابل الامان .
فبينما تقوم الاجهزة الامنيه بحرق الارض تحت أقدام المقاومين للانقلاب وحرقهم معها … تتولى كتائب الاعلام برمجة المجتمع بصناعة الخوف من الارهابيين الجدد والمتمثلين فى جماعة الاخوان المسلمين – وسواء صدق من صدق او كذّب من كذب – يبقى أن الخوف يجعل صاحبه يقبل بكل شيء ويصدق كل شيء .
ولذلك فإن أعلى واكبر درجات الحرية والتحرر تكون من خلال التحرر من الخوف – فهو العدو الاكبر للأفراد وللشعوب .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق
الاخوة والاخوات رجاء عدم استخدام اي كلمات نابية او عنصرية او مسيئة للاديان والاشخاص ولكم جميعكم فائق التقدير والاحترام .